شرح طبقة العرض في OSI

شرح الـ Presentation Layer في نموذج OSI

نموذج OSI (Open Systems Interconnection) هو إطار مرجعي يستخدم لفهم كيفية تفاعل أجهزة الكمبيوتر وأنظمة الشبكات في بيئة متعددة الطبقات. يتألف هذا النموذج من سبع طبقات، حيث يعكس كل مستوى عملية مختلفة تؤثر على البيانات أثناء انتقالها عبر الشبكة. واحدة من هذه الطبقات هي “طبقة العرض” أو الـ Presentation Layer، والتي تعد جزءاً أساسياً في إعداد البيانات بطريقة قابلة للفهم بين الأطراف المتواصلة.

يتمثل الدور الرئيسي لهذه الطبقة في التأكد من أن البيانات المنقولة بين الأجهزة في الشبكة يمكن أن تُفهم بواسطة التطبيقات، بغض النظر عن أنظمة الترميز أو التمثيلات التي تستخدمها تلك الأنظمة. فهي تعد بمثابة حلقة وصل بين الطبقات العليا في نموذج OSI، مثل طبقة التطبيقات (Application Layer)، والطبقات السفلية مثل طبقة النقل (Transport Layer).

تعريف طبقة العرض Presentation Layer

طبقة العرض (Presentation Layer) هي الطبقة السادسة في نموذج OSI، وتختص بطريقة تنسيق وترميز البيانات بحيث تتمكن الطبقات العليا والسفلى من التعامل مع هذه البيانات بسهولة. هذه الطبقة تركز بشكل أساسي على التنسيق والتمثيل البياني للمعلومات التي تتبادلها الأجهزة في الشبكة. تُسمى أحياناً بـ “طبقة الترجمة” لأنها تقوم بتحويل البيانات بين التمثيل الداخلي للجهاز (أو النظام) إلى تمثيل يمكن فهمه عبر الأنظمة المختلفة.

وظائف طبقة العرض

1. ترميز البيانات (Data Encoding):
   تعد عملية الترميز أحد الوظائف الأساسية لطبقة العرض. حيث تقوم بتحويل البيانات من شكل إلى آخر بحيث يمكن نقلها عبر الشبكة. على سبيل المثال، إذا كانت البيانات مخزنة في شكل ثنائي (binary)، فإنها قد تتحول إلى تنسيق آخر مثل النصوص (ASCII) أو صور بتنسيقات (JPEG أو PNG).

2. التشفير وفك التشفير (Encryption & Decryption):
   قد تتطلب بعض البيانات مستوى عالياً من الأمان عند نقلها عبر الشبكات. في هذه الحالة، يقوم بروتوكول التشفير بتأمين البيانات قبل إرسالها عبر الشبكة. طبقة العرض هي المسؤولة عن تشفير البيانات قبل إرسالها وفك تشفيرها عند الوصول إلى الطرف الآخر.

3. الضغط وفك الضغط (Compression & Decompression):
   أحد المهام الأخرى التي تقوم بها طبقة العرض هي ضغط البيانات لتقليل حجمها أثناء النقل. يتم ذلك باستخدام تقنيات مختلفة مثل خوارزميات الضغط (مثل ZIP). بعد وصول البيانات إلى الطرف المستقبل، تقوم طبقة العرض بفك ضغط البيانات لتكون قابلة للاستخدام.

4. التوافق بين الأنظمة (Translation between different Data Formats):
   عند تبادل البيانات بين أجهزة تستخدم تنسيقات أو أكواد مختلفة، تقوم طبقة العرض بترجمتها إلى صيغة يمكن للجهاز الآخر التعامل معها. على سبيل المثال، عندما يرسل جهاز يعمل بنظام Windows بيانات إلى جهاز يعمل بنظام UNIX، قد تختلف طريقة تمثيل البيانات. وبالتالي، تقوم طبقة العرض بتنسيق البيانات بحيث تتوافق بين الأنظمة المختلفة.

أمثلة على بروتوكولات طبقة العرض

هناك عدة بروتوكولات تعمل ضمن طبقة العرض وهي مسؤولة عن تحويل البيانات إلى الشكل المناسب قبل نقلها عبر الشبكة. من أشهر هذه البروتوكولات:

1. TLS/SSL (Transport Layer Security / Secure Sockets Layer):
   تُستخدم هذه البروتوكولات لتأمين البيانات المنقولة بين الخوادم والعملاء عبر الشبكات. تقوم طبقة العرض باستخدام هذه البروتوكولات لضمان تشفير البيانات وفك تشفيرها.

2. MIME (Multipurpose Internet Mail Extensions):
   هو بروتوكول يستخدم لتنسيق رسائل البريد الإلكتروني بحيث يمكن إرسال أنواع متعددة من المحتويات (مثل الصور، النصوص، والمرفقات) عبر شبكة الإنترنت.

3. JPEG, GIF, PNG:
   هذه هي تنسيقات الصور التي يتم معالجتها ضمن طبقة العرض. عندما يتم إرسال صورة عبر الشبكة، يمكن أن تتضمن عملية الترميز ضغط الصورة باستخدام هذه التنسيقات، بحيث يتم تقليص حجمها دون التأثير على جودتها بشكل كبير.

4. ASCII:
   هو معيار ترميز الأحرف المستخدم لتحويل النصوص إلى شكل يمكن معالجته عبر الشبكات. تعمل طبقة العرض على تحويل النصوص بين تنسيقات مختلفة من هذا النوع.

أهمية طبقة العرض في الشبكات

تلعب طبقة العرض دوراً مهماً في تسهيل التواصل بين الأنظمة المختلفة عبر الشبكة. فهي تُعد بمثابة جسر بين طبقات الشبكة السفلى التي تهتم بنقل البيانات الفعلي وطبقات التطبيقات العليا التي تستخدم البيانات بعد وصولها. إذا كانت هذه الطبقة لا تعمل بشكل صحيح، فقد لا تكون البيانات المرسلة قابلة للفهم أو قد تتهدد أمانها، مما يتسبب في فقدان المعلومات أو الوصول إليها من قبل أطراف غير مصرح لهم.

مزايا طبقة العرض

1. الاستقلالية بين الأجهزة المختلفة:
   أحد المزايا الرئيسة لطبقة العرض هو توفيرها لطبقة من الاستقلالية بين الأجهزة المختلفة. إذ تضمن أن البيانات المرسلة بين الأنظمة المختلفة ستكون قابلة للقراءة والفهم بواسطة جميع الأطراف، حتى وإن كانت الأنظمة المستخدمة في كلا الطرفين مختلفة في الطريقة التي تمثل بها البيانات.

2. زيادة الأمان:
   بفضل تقنيات التشفير وفك التشفير، تعزز طبقة العرض أمان البيانات أثناء انتقالها عبر الشبكة. هذا يُعد أمرًا بالغ الأهمية في التطبيقات الحساسة مثل التجارة الإلكترونية، حيث يتطلب الأمر الحفاظ على سرية المعلومات.

3. تحسين الكفاءة:
   من خلال ضغط البيانات، يمكن لطبقة العرض تقليل حجم البيانات المنقولة، مما يحسن الكفاءة ويقلل من الحاجة إلى موارد كبيرة في الشبكة، مثل عرض النطاق الترددي.

4. دعم معايير متعددة:
   تساعد طبقة العرض في دعم عدة معايير لتنسيق البيانات، مما يجعلها مرنة في التعامل مع أنواع مختلفة من البيانات والبروتوكولات عبر الشبكة.

تفاعل طبقة العرض مع الطبقات الأخرى

في نموذج OSI، تعمل طبقة العرض بشكل وثيق مع الطبقات الأخرى لضمان أن البيانات تُنقل بشكل صحيح. على سبيل المثال:

• مع طبقة التطبيقات (Application Layer):
  طبقة العرض توفر البيانات التي يتم تحويلها من خلال طبقة التطبيقات إلى شكل مناسب للإرسال عبر الشبكة. إذا كانت طبقة التطبيقات تستخدم بروتوكولات مثل HTTP أو FTP، فإن طبقة العرض تضغط أو تشفر هذه البيانات بناءً على الحاجة.

• مع طبقة النقل (Transport Layer):
  بعد أن تتم معالجة البيانات في طبقة العرض، تقوم طبقة النقل بتقسيم البيانات إلى قطع صغيرة (حزم) وإرسالها عبر الشبكة. وعند الوصول إلى الطرف المستقبل، يقوم طبقة النقل بترتيب الحزم وإرسالها إلى طبقة العرض لتحويل البيانات مرة أخرى إلى الشكل الذي يمكن استخدامه.

خلاصة

طبقة العرض هي طبقة حيوية في نموذج OSI، حيث تقوم بتحويل وتنسيق البيانات بحيث تصبح قابلة للفهم والنقل بين الأنظمة المختلفة. إن وظائفها الرئيسية مثل الترميز، التشفير، الضغط، والترجمة تجعلها ضرورية لضمان فعالية وكفاءة عملية الاتصال عبر الشبكات. وبالتالي، من دون طبقة العرض، سيكون من الصعب جداً نقل البيانات عبر الأنظمة المختلفة بكفاءة أو أمان.